إن الصوم المفروض علينا في الأسلام كواجب ديني خلال شهر رمضان المبارك هو صوم عن وعي وادراك ، لذلك فإن العديد من فوائد الصيام التي لم يكتشفها الأنسان في الماضي نراه يكتشفها الأن يوماً بعد يوم بفضل تطور العلوم وتقدم الأبحاث العلمية .
وللوصول الي الأستفادة القصوي من الصيام لا بد من اتباع أساليب وقواعد من شأنها الحفاظ على صحة ونظافة الغذاء سواء في الأيام العادية أو خلال شهر الصيام.
يعتبر الصيام من الناحية الوظيفية الفيزيولوجية علاجاً لتنقية الجسم من الرواسب والفضلات المتراكمة خلال السنة وهناك عدة أنواع من الصيام:
1-الصيام المطلق وهو صيام طبي بإشراف أطباء ويعني الأمتناع الكلي عن تناول الطعام أو الشراب لسبب صحي أو مرضي.
2-الصيام الجزئي وهو صيام أو امتناع عن تناول بعض أنواع الأطعمة لسبب مرضي معين مثل السكري أو الضغط أو الدهنيات وغيرها من الأمراض التي توجب مثل هذا الصيام الجزئي.
3-الصيام الطويل وهو فريضة الصيام على المسلم.
وفي كثير من المجتمعات غير الاسلامية ينصح الأطباء بالصيام الطويل لفترة أسبوعين أو أربعة أسابيع في محاولة لتنظيم العملية الغذائية وأنقاص تدريجي لكمية الطاقة المتناولة وأستخدام المخزون داخل الجسم في عملية توليد الطاقة حفاظاً على صحة الجسم لتخليصه من الرواسب والفضلات المتراكمة داخل الأنسجة والأوعية الدموية.
ولكن هناك بعض الحالات والأمراض التي يمنع معها الصوم مثل:
أمراض الكلى (بحص).
القرحة المعدية أو الاثنى عشرية.
مرض الشقيقة (MIGRAIN).
مرض السكري غير المنتظم.
مرض القلب الشديد.
التهابات الكبد الحادة.
وغيرها من الأمراض التي تتعارض مع الصوم سواءاً من ناحية ضرورة تناول الأدوية بصورة منتظمة ودورية أو من ناحية ضرورة أستمرار تناول الغذاء والماء خلال النهار أو لعدم تحمل المريض الصوم.
والصيام كباقي العبادات وُضعت من أجل الانسان .. إذاً الانسان هو المستفيد من الصوم ولكن هناك بعض العادات السيئة في مجتمعنا تجعل من الصوم ضرراً لا بل تشكل إحراجاً طبيّاً يمنع الصائم من متابعة صيامه ،
وهذه العادات هي:
1- الأكثار من كمية الطعام المتناول عند الافطار مما يؤدي الى التخمة وأحياناً الأستفراغ والأنحطاط والتعب الشديدين.
2- تناول أصناف عدة من الأطعمة لا سيما الدسمة منها ليلاً ظناً من الصائم إنها تحميه من جوع النهار. وهذا غير صحيح.
3- تناول كميات كبيرة من السوائل ليلاً خوفاً من العطش في النهار وهذا يؤدي الى أضطرابات هضمية ومشاكل بولية.
4- الأعتماد على السكريات والحلويات الخاصة بشهر رمضان المبارك وهذا يؤدي الى زيادة في الوزن خلال شهر الصيام ويتنافي وحكمة الصيام.
لذلك فإن من لا يراعي القواعد الصحيحة للصوم ولا يعتدل في طعامه وشرابه يصبح صيامه وبالا، على صحته ويعود عليه بالضرر لا بالنفع ، وفيما يلي بعض النصائح للصائمين:
بعض هذة النصائح قد تبدو للوهلة الأولى غير واقعية .. لا بل قد يستغرب البعض معتبراً أنه لا يوجد شخص يستطيع الألتزام بهذه النصائح.
ولكن إذا ما أحسن إتباعها سيشعر الصائمون بفائدتها فعليك في رمضان أتباع مايلي:
1- يجب الأعتدال في الوجبات (من حيث الكمية والنوعية) واعتبار وجبة الأفطار وجبة عادية مثل الغداء أو العشاء في الأيام العادية مضافاً إليها اللبن أو الشوربة ولا داعي للأفراط في الطعام.
2- عدم الأكثار من تناول السوائل مع أو بعد الافطار مباشرة لأنها تعيق عمل المعدة.
3- الأمتناع عن النوم مباشرة بعد الطعام خاصة في وجبة السحور.
4-التخفيف أو التقليل قدر المستطاع من أستعمال الشحوم والدهنيات في الطبخ أو الحلويات.
5-عدم تناول الأطعمة القابلة للتخمّر مثل البصل والثوم والكشك والطحينة وغيرها.
6-الأهتمام بنظافة الفم والأسنان خاصة قبل النوم وبعد تناول السكريات.
7-إن تناول الحلويات الرمضانية اليومية لا تعود بالفائدة على الصائم بل على العكس تؤدي إلى زيادة الوزن والتخمة وغيرها من العوارض المرتبطة بصحة ونظافة ونوعية هذه الحلويات ويمكننا الأستغناء عنها والتعويض بتناول الفاكهة الطازجة.
أما فيما يخص نوعية الأغذية المفيدة خلال شهر رمضان المبارك فيمكننا القول أن الأغذية الغنية بالطاقة والخالية من الدهون الحيوانية والمواد المتأكسدة والحافظة هي أفضل الأغذية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: التمور، العسل ، الفاكهة بأنواعها ، الخضراوات ، اللحوم المشتقة بالدهون مثل الأسماك والدجاج البقول مثل العدس وغيرها.
الصيام والجهاز الهضمي
لاشك أن العلاقة بين الجهاز الهضمي والصيام مهمة ، ومن أهم الأسئلة التي تطرح علينا قبل الصيام هي: أثر الصيام على الجهاز الهضمي ذلك أن العلاقة مباشرة بين الصيام والجهاز الهضمي والجواب هو بصراحة أنه لا تأثير للصيام على الجهاز الهضمي السليم إذ أن جسم الانسان له القدرة على التكيف والتأقلم حسب الظروف ومن الملاحظ طبياً أنه عندما يتعرض الأنسان السليم لأي توعك صحي نفسي وظيفي أو عضوي ينعكس ذلك على جهازه الهضمي وقد يشعر بالغثيان أو التقيؤ وقد يصاب بالمغص أو الأسهال وذلك ناتج عن تأثير جهازنا العصبي والهورمونات على الجهاز الهضمي وهنا يكون العلاج هو الطلب من المريض الأمتناع عن الأكل والشرب وكثير من الناس يعملون بهذا الأجراء دون استشارة الطبيب ذلك أنها باتت بديهية معروفة لدى الكثيرين.
أما إذا أردنا أن نتحدث عن بعض العوارض المرضية التي تصيب الصائمين خلال شهر رمضان المبارك
فيمكننا أن نقسم هذه العوارض الى قسمين.
1 - العوارض أو الأمراض الوظيفية وهي ناتجة عن اضطرابات فيزيولوجية بسيطة تحصل في الأيام الأولى من الصيام وتكون ناتجة عن التغيير المفاجىء في نظام الغذاء والعادات
والذي يتمثل:
- غياب أو فقدان وجبة الفطور (الترويقة).
- أستحداث أو اضافة وجبة السحور والنوم بعد السحور مباشرة.
- الأفراط في الطعام والشراب في وجبة الأفطار إضافة الى التنوع الزائد في الطعام وأضافة المعجنات والحلويات وغيرها من أنواع الأطعمة التي تستعمل يومياً في شهر رمضان الصيام.
- تغيير مفاجىء في بعض العادات مثل التدخين والقهوة الصباحية وتناول الأطعمة بين الوجبات مما يؤدي الى أضطراب وظيفي يتمثل بوجع في الرأس أو دوخة وما إلى ذلك من أعراض سرعان ما تزول بعد مرور الأيام الأولى من الصيام .
2- العوارض أو الأمراض العضوية: وهي ناتجة عن أمراض عضوية موجودة أساساً في الجسم تزداد خلال الصيام أو تظهر عوارضها علماً أن هذه الأمراض تكون غير ظاهرة وبدون عوارض قبل الصيام ومنها:
- نوبات وجع البطن الشديد وهي على أنواعها حسب مسببات هذا الوجع أو المغص فمثلاً هناك الكثير من المرضى لا يشكون من أية أوجاع وخلال الصيام يصابون بوجع بطن شديد (حرقة) (حموضة) (إستفراغ) أو نوبات مغص شديدة وعند الفحض وإجراء الصور والفحوصات يتبين وجود قرحة مزمنة في الاثنى عشر أو التهابات في المعدة أو الاثنى عشر والثابت طبياً أن هناك عدداً لا بأس به من المرضى المصابين بالقرحة لا يعانون من العوارض النموذجية أو المعروفة للقرحة.
- والحال نفسه في نوبات المرارة ففي شهر الصيام وبسبب الأفراط في وجبة الافطار كماً ونوعاً تظهر عوارض المرارة الناتجة عن بحص موجودٍ سابقاً في المرارة دون علم المريض مما يضطر المريض للعلاج داخل المستشفى وإجراء عملية جراحية للمرارة. ذلك أن البحص لا يمكن أن يتكوّن داخل المرارة خلال يوم أو يومين.
- النزيف من المخرج وهذا ينتج عن حالة الأمساك التي يصاب بها عدد لا بأس به من الصائمين والتي تؤدي الى جرح في المخرج أو تضخم ونزيف من البواسير.
الصيام والقرحة
قبل الحديث عن أثر الصيام على القرحة لا بد من تعريف القارىء الكريم بإيجاز عن مرض القرحة: إن مرض القرحة هو مرض ناتج عن تآكل مادة من جدار المعدة أو الاثنى عشر في نقطة معينة يؤدي الى تكوين حفرة ناتجة عن هضم جدار المعدة في منطقة حُرمت من الفعل الوقائي للجدار المخاطي للمعدة وهي إما قرحة معدية أو قرحة اثنى عشرية.
ومن أهم عوارض القرحة الحرقة مع ألم في أعلى البطن يزداد عند الجوع وخاصة في ساعات الفجر الأولى ومصحوب بقيء أو نزيف أحياناً ويتم تشخيص القرحة بالفحص السريري وتنظير المعدة أما علاجها فهناك الكثير من الأدوة لعلاج القرحة وحديثاً أستعمل الأطباء عدداً من المضادات الحيوية للمساعدة في علاج القرحة خاصة بعد اكتشاف نوع من البكتيريا في المعدة يصاحب وجود القرحة وتدعى هذه البكتيريا HELICOBACT.PYLORI.
أما فيما يخص الصيام ومرض القرحة فمن الناحية الطبية فأنه :
- يُمنع الصيام عند المرضى المصابين بقرحة حادة (جديدة الحدوث).
- كما يُمنع الصيام عن المرضى المصابين بنزيف من القرحة خلال فترة قصيرة لا تتجاوز 3 أشهر.
- يمنع الصيام عن المرضى المصابين بقرحة لا تستجيب للعلاج.
- يُمنع الصيام عن المرضى المصابين بقرحة وخضعوا لعملية جراحية حديثة.
- يُمنع الصيام عن المرض المصابين بمضاعفات القرحة مثل التهابات، أنسداد أو أنثقاب القرحة.
أما بالنسبة للمرضى الذين كانوا يعانون من قرحة في فترة سابقة وتمّ علاجها وهم الآن لا يشكون من أية أعراض مهمة يمكنهم الصيام ولكن ننصح بإستعمال دواء القرحة وهو عبارة عن حبة واحدة يومياً طيلة شهر رمضان المبارك.
وفي الختام لا بد من التأكيد على أن لكل مريض خصوصية معينة ولا يمكن الحديث بالمطلق بل يتم دراسة حالة كل مريض على حدة وتحديد إمكانية الصيام أو عدمه ويبقى قرار الصوم هو قرار المريض أولاً وأخيراً.