قانون لزرع الأعضاء في مصر بهدف وقف تجارتها غير القانونية
تعمل مصر، وهي من أكبر مراكز تجارة الاعضاء في العالم، على اصدار تشريع يسمح بنقل الاعضاء من متبرعين من حالات موت جذع المخ، على أمل أن يقلص القانون الجديد الطلب على تجارة الاعضاء غير الشرعية.
وتقول منظمة "مكافحة تجارة الاعضاء"، إن المانحين الأحياء مقابل المال، ومعظمهم من الفقراء والضعفاء، يوفرون 10% من الكلى التي يتم زراعتها في العالم. وقدرت سعر الكلية في مصر بين 1700 و2700 دولار.
أما سهيلة، وهي ربة منزل، فحصلت على 2185 دولاراً مقابل كليتها، بعدما سدت الأفق بوجهها، فكان بيع كليتها الحل الاخير لأم الأطفال الثلاثة، التي تسعى لتوفير قوت أسرتها.
وقالت سهيلة لتحالف "مكافحة تجارة الاعضاء" وهي منظمة دولية "بيع كليتي احسن من العمل في الشقق المفروشة" وهو تعبير مخفف لممارسة الدعارة "انه ضد كرامتي ولا اريد ان افعل مثل هذه الامور". وقالت في شهادتها التي نشرت على موقع التحالف على شبكة الانترنت "لم ارد ارتكاب معصية، أو أسرق للحصول على المال لم يكن امامي سبيل اخر للحصول على المال فقررت ان ابيع كليتي".
بينما شكا مصريون آخرون من تعرضهم للخديعة للتبرع بكلاهم ورفع البعض دعاوى قضائية وفي عام 2008 القت الشرطة المصرية القبض على سوري واردني لتجارتهما في الاعضاء في القاهرة.
وسهيلة (32 عاما) من سكان منطقة دلتا النيل الخصبة، وهي واحدة من عدد كبير من المتورطين في تجارة اعضاء غير قانونية. لكنها رائجة في مصر حيث لا يوجد قانون ينظم عمليات زرع الاعضاء.
منع رسمي
ويقول حمدي السيد، عضو مجلس الشعب الذي صاغ مسودة قانون زرع الاعضاء في مصر، ان 18 دولة اسلامية اخرى تتبنى موقفا أكثر ليبرالية تجاه زرع الاعضاء وتسمح بالحصول عليها من متبرعين متوفين.
ولا يوجد في مصر قوانين لزراعة الاعضاء، ولكن في الممارسة العملية يمكن لاقارب المريض التبرع له بكلية او جزء من الكبد. كما لا تعترف مصر بموت جذع المخ وهو موضوع قيد المناقشة في الدوائر الدينية وبين المحافظين غير ان منظمة الصحة العالمية قالت ان القاهرة اقرت بحاجتها للامرين.
ومعظم المانحين الاحياء للكلى مقابل نقود في مصر من الذكور في سن الشباب، الذين يندمون لاحقاً على بيع اعضائهم. وتقول منظمة الصحة العالمية ان الحالة الصحية لاربعة تقريبا من كل خمسة تسوء عقب عملية البيع ويتبدد ما جنوه من مال في غضون خمسة اشهر.
ومن المقرر أن يصوت البرلمان المصري خلال الاسابيع القليلة المقبلة على قانون يضفي الشرعية على زراعة الاعضاء من مانحين في حالة موت اكلينيكي وينظم تبرع الاحياء بالاعضاء.
وفشلت، في السنوات الاخيرة، محاولات ادراج القانون على جدول اعمال البرلمان ولكنه حصل في الوقت الحالي على مباركة الرئيس حسني مبارك الذي اعرب في خطابه في بداية الدورة البرلمانية عن امله في التوصل لحل للمشكلة.
قائمة انتظار
ويضع القانون قائمة انتظار رسمية للمرضى الذين ينتظرون زراعة اعضاء ويحظر تقديم مقابل مادي للمتبرع ويعاقب الاطباء الذين يجرون عمليات زراعة اعضاء غير قانونية بالسجن لمدة قد تصل الى 15 عاما.
كما يطالب المتبرعين الاحياء بالتوقيع على اقرار بذلك، بينما يتم الحصول على اعضاء من متبرعين متوفين بناء على وصيتهم أو بموافقة اسرهم وستشرف الدولة على جراحات زرع الاعضاء.
وسيحظر القانون المطروح زرع الاعضاء بين أتباع الاديان المختلفة لتفادي اي خلافات في البلاد التي تشهد توترات بين المسلمين والمسيحيين من ان لاخر وكذلك بين المصريين وغير المصريين.
وفي حال إقراره، سيرفع القانون الجديد عدد جراحات زرع الاعضاء القانونية التي تجري في مصر سنويا الى حوالي 40 ألفا من الف حاليا.
ويقول مستشفى المنصورة الجامعي رائد زارعة الاعضاء في مصر ان لديه بالفعل امكانية اجراء الاف من جراحات زرع الاعضاء سنويا. ويقول اخصائي امراض الباطنة بالمستشفى محمد عبد الوهاب "اذا اقر القانون سنبدأ العمل من الغد".
موافقة شرعية
وأعطت المؤسسات الدينية التابعة للدولة من بينها الازهر وجامعته موافقتها الشرعية على مشروع القانون رغم ما يثيره من جدل بين المسلمين لانه يعترف بحالات وفاة جذع المخ على أنها وفاة فعلية.
لكن القانون المقترح لا يزال يواجه انتقادات حتى داخل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم حيث يثور خلاف حول تعريف الموت ومخاوف من أن يؤدي السماح بعمليات زرع الاعضاء باي صورة الى تفاقم تجارة الاعضاء.
وقال محمد خليل قويطة عضو مجلس الشعب عن الحزب الحاكم "لا يفترض ان يترك القانون مسألة تحديد الوفاة في أيدي الاطباء الوفاة لابد ان يكون لها تعريف دقيق وهو ان الروح قد غادرت الجسد تماما ولا يمكن ان تعود".
وفي عام 1997 اصدر شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي فتوى تسمح بزرع الاعضاء وتعهد بالتبرع باعضائه بعد وفاته.
ويعتقد المسلمون المتدينون في مصر ان الوفاة تحدث فقط حين يتوقف القلب، وهو رأي يحول دون اجراء جراحات مجدية لزراعة الاعضاء لان حالة الاعضاء تتدهور بعد توقف القلب.
ويقول عضو مجلس الشعب من جماعة الاخوان المسلمين عبد المقصود عسكر، التي تحتل خُمس مقاعد البرلمان وتعد أكبر كتلة معارضة "موت جذع المخ مرض وليس وفاة". وقال انه لا يمكن اخذ اعضاء في حالة وفاة جذع المخ لان في رأيه الحياة تنتهي حين تتوقف جميع الاعضاء.