لماذا تلتصق وتدور بعض الألحان في الرأس؟
الإنسان «يسمع» ألحانا داخلية مثلما يسمع أوركسترا حقيقيةغالبية الناس يمرون بشكل أو بآخر بمثل هذه الظاهرة، أي إعادة تردد لحن ما وتكراره مرارا في الذهن.. لسبب غير مفهوم.
والكثير من الألحان التي تلتصق بالذهن هي ألحان الدعايات التجارية، ألحان المسلسلات أو البرامج التلفزيونية، أو الأغاني الشعبية المحبوبة، أو أغاني الأطفال.
حفلة العقل الموسيقية
وتطلق الأدبيات العلمية وكذلك الصحافة الجماهيرية، شتى النعوت على هذه الظاهرة مثل: «الموسيقى اللزجة»، «الأغاني الملتصقة»، «التصوير الموسيقي اللا إرادي»، بالإضافة إلى «حكّة الإدراك» (أو «الحكّة المعرفية») (cognitive itch)، و«حفلة العقل الموسيقية» و«دودة الأذن».
وقد أظهرت الدراسات الخاصة بالتصوير الوظيفي بالمرنان المغناطيسي (fMRI) أن الإنسان «يسمع» ألحانا داخلية بطريقة مماثلة تقريبا لما يسمعه من أوركسترا حقيقية.
ففي كلتا الحالتين يصبح لحاء الدماغ السمعي (auditory cortex) - وهو جزء الدماغ المسؤول عن معالجة الأصوات - نشطا.
ولكن، إن كانت الألحان تعزف في داخل الرأس فقط، فإن جزءا واحدا من اللحاء السمعي هذا يكون نشطا، بينما تسهم الأجزاء الأخرى من الدماغ في أكثر الأحوال - مثل تلك المسؤولة عن الذاكرة - في ذلك النشاط.
وقد حاول باحثون بريطانيون توثيق مدى انتشار ظاهرة ترديد الناس للأغاني الملتصقة في رؤوسهم، وكيفية تعاملهم معها.
وتوجه الباحثون إلى دراسة الظاهرة لدى أشخاص كانوا موجودين في أماكن عامة مثل محطات القطار والحدائق العامة.
وقد أشار 103 أشخاص سجلوا بياناتهم، إلى أنهم مروا بظاهرة الأغنية الملتصقة في وقت ما، وسجلوا 159 أغنية تذكروها.
وفي دراسة منفصلة أخرى، طلب نفس الباحثين من 25 شخصا تسجيل يومياتهم حول «الأغاني الملتصقة» لمدة أربعة أسابيع.
وقد قدم المشاركون 269 مقطوعة ضمت 199 أغنية، أي في المتوسط بمقدار يزيد على أغنية واحدة يوميا في كل أسبوع لكل شخص.
ولا تزعج الأغاني الداخلية في غالبية الأحوال في الرأس، الناس. فبعضهم يهملونها، أو يخلدون إلى النوم، فيما يقوم الآخرون بإسكاتها بالاستماع إلى أغان وموسيقى حقيقية، أو بالتفكير في لحن آخر.
ومع هذا فإن البعض الثالث منهم يظل ينصت إلى ألحان رأسه ويستمتع بالموسيقى الداخلية لحين انتهاء عزفها!