السكتة الدماغية .. أنوعها وسبل الوقاية منها
يصاب سنويا 12 من كل 10,000 شخص بالسكتة الدماغية فى الولايات المتحدة، وتعتبر المسؤول الثالث عن حالات الوفاة بعد أمراض القلب الوعائية، والسرطان، غير أن عدد الوفيات قد تقلص بنسبة ملحوظة عام 1991 عما كان عليه عام 1971.
ويشير هذا الانحسار إلى تمكن الأجهزة الطبية من تشخيص السكتة الدماغية بشكل أفضل والسيطرة على عوامل الخطر الأساسية. وفي حال الإصابة بسكتة دماغية فان من شأن العلاج المبكر أن يقلص الضرر اللاحق بالدماغ والعجز الذي يستتبعه.
ويعود اليوم 10% من المصابين بالسكتة الدماغية إلى سابق عهدهم من ممارسة أنشطتهم، وحوالي 50% منهم يعودون إلى منازلهم مع الحاجة إلى بعض المساعدة، وحوالي 40% يحتاجون إلى إعادة تأهيل ومساعدة متواصلة فى حياتهم اليومية.
يشتمل الدماغ على مائة مليار خلية عصبية وعلى تريليونات من الوصلات العصبية. وبالرغم من أن وزن الدماغ لا يتجاوز 2% من وزن الجسم، إلا أنه يستهلك سبعين في المائة من أوكسجين الجسم والمغذيات الأخرى. وبما أن الدماغ لا يحتوي على مخازن لهذه المغذيات كما الحال في العضلات، فهو يحتاج إلى تدفق مستمر للدم ليعمل بشكل طبيعي.
السكتة الإسكيمية
وهنالك نوعان أساسيان من السكتة الدماغية بشكل عام، السكتة الإسكيمية، والسكتة النزفية، ولكل منهما سبب مختلف عن الآخر في حدوثها.
السكتة الإسكيمية، تنتج عندما تحدث إعاقة ما لجريان الدم إلى المخ، ويحدث هذا في الغالب بسبب جلطة تسد مجرى الوعاء الدمويز ويقع حوالي ثمانين في المائة من السكتات الدماغية ضمن هذه الفئة. وتحدث الجلطة بسبب تراكم رواسب دهنية تحتوي على الكولسترول تعرف باللويحة. ويؤدي نمو اللويحة إلى خشونة الجدار الداخلي للشريان وعدم انتظام سطحه وبالتالي يحدث اضطراب في مسار الدم. وعند ذلك لا يستطيع الدم والمغذيات الوصول إلى خلايا المخ، فتحرم أنسجة المخ من حاجتها منه.
وبعد أربع دقائق من انقطاع الأوكسجين والمغذيات، تبدأ خلايا الدماغ بالموت، فإذا استمر الانسداد لأكثر من ساعتين، فإن جزءا من المخ الذي يغذيه الشريان يموت، الأمر الذي يؤدى إلى فقدان وظائف أجزاء من الجسم التي يتحكم بها هذا الجزء من المخ، وغالبا ما يكون الفقدان أبدياً.
تتباين أعراض السكتة الدماغية، تبعاً لحجم الانسداد، والمنطقة المصابة من المخ، ومدى سرعة تكون الانسداد بالشريان. وتعد السكتة الدماغية من حالات الطوارئ الطبية، ومن المهم التعرف على أعراض السكتة والحصول على المساعدة الطبية الفورية، فكلما طال الأمد بالسكتة وظلت بدون علاج، كلما زاد التلف في خلايا الدماغز وفي خلال الأربع إلى الست ساعات الأولى، يمكن تقديم العلاج الذي يعيد تدفق الدم من جديد ويمنع حصول تلف دائم بخلايا المخ.
أعراض السكتة الدماغية
ومن العلامات التحذيرية للسكتة الدماغية، الضعف المفاجئ لأحد الذراعين أو اليدين أو الساقين في جانب واحد من الجسم أو التنميل المفاجئ في جانب واحد من الوجه أو الجسم، الإعتام المفاجئ للبصر أو فقدانه في عين واحدة، صعوبة في الكلام أو عجز مفاجئ عن فهم ما يقوله الآخرون، الإحساس بالدوار أو فقدان التوازن، أو الشعور بصداع شديد جدا بصورة قوية.
إن المباغتة التي تبدأ بها هذه الأعراض أهم ما يميز السكتة الدماغية، حيث أن التطور التدريجي لبعض هذه الأعراض قد يكون إشارة إلى أمراض أخرى تصيب الجهاز العصبي مثل أورام المخ أو مرض باركنسون.
في بعض الأحيان، يكون فقدان الوظائف وقتياً، فيستمر لأقل من أربع وعشرين ساعة. وتعرف هذه النوبات، بالنوبات الإسكيمية العابرة، والتي قد تكون بمثابة إنذار بوقوع سكتة دماغية قوية.
نوبات عابرة
تحدث النوبة الإسكيمية العابرة بسبب انقطاع مؤقت في مجرى الدم المتجه إلى المخ، بسبب سير بعض القطع الصغيرة من فتات الجلطات الدموية أو ترسبات الكولسترول أو غيرها من المواد الغريبة (وتعرف بالخثرة) عبر تيار الدم فتنحشر مؤقتاً داخل الأوعية الدموية الصغيرة مسببة توقف للنسيج عن أداء وظيفته، فيطلق الجسم أنزيمات مذيبة للخثرة بصورة سريعة فيعود الدم إلى جريانه الطبيعي.
وتختلف النوبات الإسكيمية العابرة عن السكتات الدماغية في أنها لا تمكث سوى وقت وجيز، فهي عادة ما تظهر فجأة، وتستمر لبضع ساعات، ثم تزول خلال أربع وعشرين ساعة. والسمة الأساسية هي أن سريان الدم يعود بسرعة كافية بحيث لا يحدث تلف دائم في المخ.
وتشكل النوبات العابرة إشارة تحذيرية من أن الشخص قد يصاب بسكتة دماغية في المستقبل، وحوالي نصف عدد المصابين بالسكتة الدماغية، أصيبوا على الأقل بنوبة عابرة قبل بضعة شهور من إصابتهم بالسكتة، وليس بالضرورة أن كل من أصيب بالنوبات العابرة سوف تداهمه السكتة.
وتتباين أعراض النوبة الإسكيمية العابرة تبايناً واسعاً، تبعاً للجزء المصاب من المخ، فقد تسبب ضعفا وتنميلا أو شللاً فى عضلات الوجه أو الذراع أو الساق، أو الدوار أو فقدان التوازن، أو فقدان التناسق في حركة الجسم أو تشوشا في البصر أو فقدان النظر في إحدى العينين أو كلتيهما، كما من الممكن أن يحدث فقدان لأحد نصفي المجال البصري في إحدى العينين أو كلتيهما، وهنا يجب استشارة الطبيب على الفور.
السكتة النزفية
السكتة النزفية، أو نزيف المخ، عبارة عن تمزق أو انفجار أحد الأوعية الدموية المغذية لخلايا المخ، فيتسرب الدم النازف من الشريان إلى الأنسجة المحيطة مؤديا إلى تلفها، بينما ينقطع الدم عن الخلايا المسببة للتسرب أو التمزق لتتلف بدورها.
هذا النوع من السكتات الدماغية يحدث أكثر لمرضى ارتفاع ضغط الدم، الذي يضعف جدران الأوعية الدموية، الأمر الذي يؤدي إلى تمزقها أو انفجارها.
وهناك أيضاً خلل يطلق عليه اسم التشوه الشرياني الوريدي، قد يسبب نزيفا بالمخ. ورغم أن أية سكتة دماغية تعد أمراً خطيراً، إلا أن النزيف بالمخ غالبا ما يكون حالة شديدة الخطورة لأنه يصيب أشخاصاً أصغر سناً وهي أكثر ميلا للتسبب بالوفاة.
وعلى الرغم من اعتبار ارتفاع ضغط الدم سببا رئيسيا لنزيف المخ، إلا أنه قد يحصل لأسباب أخرى كإصابات الدماغ والحوادث، ومرض السكري، واضطرابات تخثر الدم.
حوالي 45% من المصابين بالسكتة النزيفية يصابون بصداع حاد حيث يشكل أول الأعراض الرئيسية، وغالبا ما يصف الناس الصداع بأن رأسهم يكاد ينفجر من الصداع، وحوالي النصف منهم يفقدون الوعي، كما أن هناك أعراضا مبكرة من بينها تيبس العنق والغثيان والقيء والخلل الذهني أو نوبات من التشنج.
كيف نتفادى السكتة الدماغية؟
من المستحيل في الواقع الحياتي تغيير بعض العوامل المؤدية إلى حدوث السكتة الدماغية، غير أن من الممكن السيطرة على بعض المسببات والمؤشرات بواسطة العلاجات الدوائية وعبر تغيير نمط الحياة ومنها:
ـ ارتفاع ضغط الدم: يعتبر ارتفاع ضغط الدم مسؤولاً عن أربعين في المئة من حالات السكتة الدماغية. ويعتبر ضغط الدم مرتفعا إذا تجاوز الضغط الانقباضي 140 ملم زئبقي والضغط الانبساطي 90 ملم زئبقي.
ـ التدخين: يرتفع احتمال إصابة المدخنين إلى نسبة 50% أكثر من غير المدخنين.
ـ الاعتلال القلبي الوعائي: إضافة إلى تصلب الشرايين، فإن الحالات القلبية التي تشمل اعتلال القلب والصمامات، قصور القلب الاحتقاني والارتجاف الأذيني، وحدوث جلطة قلبية سابقة، تزيد من ارتفاع نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية حال عدم السيطرة عليها بالعلاجات الدوائية.
ـ السكري: يضاعف مرض السكري خطر التعرض للسكتة الدماغية.
ـ ارتفاع مستوى الكولسترول فى الدم: يعتبر ارتفاع مستوى الكولسترول الشحمى القليل الكثافة في الدم من العوامل التي تزيد احتمال الإصابة بتصلب الشرايين وبالتالي حدوث السكتة الدماغية.
بعض عوامل الخطر الخارجة عن السيطرة
ليس من الممكن تغير بعض العوامل المؤدية إلى السكتة الدماغية، لكن العلم بها قد يحسن ويحفز على تغيير نمط الحياة مما يقلل من خطر الإصابة، ومنها:
ـ التاريخ العائلي: يزداد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، إن وجد تاريخ مرضى في نفس العائلة، كأن سبق إصابة أحد الآباء أو أحد الإخوة أو الأخوات بالسكتة الدماغية. بيد أنه لم يتضح حتى الآن إن كان السبب وراثياً أو عائداً إلى أسلوب الحياة العائلية.
ـ السن: بشكل عام تزداد خطورة الإصابة بالسكتة الدماغية مع التقدم فى السن.
ـ الجنس: تزداد نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية لدى الرجال أكثر من النساء حتى عمر الخامسة والخمسين، وبعد هذا العمر ومع انخفاض هرمون الاستروجين لدى المرأة ، تتساوى النسبة بين الجنسين.
ـ العرق: ترتفع نسبة الإصابة لذوي البشرة الداكنة أكثر من البيض، ويرجع ذلك جزئيا إلى ارتفاع احتمال إصابتهم بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري.