بعد 16 عاما من الاعتماد على المنفّسة.. رئتا خلدون سنجاب تستعيدان الحياة في أول عمل جراحي من نوعه في سورية تحقيقات
زوجة سنجاب: الكلمات تعجز عن الشكر والامتنان للجمعية الخيرية التي تبرعت بقيمة الجهاز باهض الثمن
جديد خلدون سنجاب، الشاب الذي تعرض لحادث قبل 16 عاما أدى لتوقف قدراته الحركية(شلل كامل) وتثبط تنفسه، واستطاع بإرادته أن ينتصر على إعاقته، فعمل وتزوج واشترى بيتا وهو طريح الفراش،
جديده العملية التي خضع لها قبل عدة أيام لزرع جهاز تنظيم التنفس(تم تقديمه تبرعا) حيث ردّ الأطباء نجاحها إلى معنويات خلدون العالية، مما سيغنيه كليا عن المنفسة الكهربائية وعن ملازمة السرير الذي لم يغادره منذ 16 عاما، وسيفح حياته على آفاق جديدة من التحدي والانجازات.
الزوجة ..فرح وامتنان
تقول زوجته يسرا "الفضل الأول والكبير للحصول على جهاز التنفس الباهظ الثمن يعود لجمعية العيد الخيرية القطرية التي تبرعت لنا بسعر الجهاز كاملا (65000 $ ما يعادل 3 ملايين ليرة سورية) إضافة لتكفلهم بتكاليف الشحن من أميركا حتى دمشق"
وتضيف "حقا تعجز الكلمات عن إيفائهم حقهم من الشكر والامتنان، فحياة خلدون ستنقلب بعد زرع هذا الجهاز، سيتمكن من استخدام الكرسي المتحرك والخروج من المنزل والذهاب لأي مكان يريده، وسيستعيد صوته الطبيعي أيضا".
وحول الطبيب الذي أجرى العملية لخلدون تقول يسرا "ولن ننسى أبدا الخدمة الإنسانية الكبيرة التي قدمها لنا الدكتور أنس العظمة الذي أجرى العملية مجانا، فبعد حصولنا على الجهاز بدأت رحلة البحث عن طبيب يجري هذا النوع من العمليات إلى أن وصلت قصتنا إلى مسامع الدكتور أنس وقرر أن يقدم لنا هذه الخدمة النبيلة"، وتلفت إلى "التعاون الفائق من قبل مشفى السلام التخصصي الذي قدم لنا الإقامة وغرفة العمليات والتجهيزات كاملة بالمجان، مترافقة مع خدمة وعناية فائقة من قبل الطاقم الطبي والخدمي في المستشفى".
الطبيب: حالة نادر تستحق التقدير
من جهته يقول الدكتور العظمة -جراحة صدرية - "تفاجأت كثيرا عندما علمت أن خلدون لديه شلل في الأطراف وشلل في الحجاب الحاجز ويعيش على المنفسة الكهربائية بحالة عامة جيدة مدة 16 عاما، فهذه الحالات تعيش حد أقصى 6-7 سنوات، أما خلدون فقد عاش كل هذه السنوات بمعنويات إيجابية عالية وأكثر من ذلك استطاع أن يؤسس عملا ويدخل سوق السيرفرات والمواقع الإلكترونية، وبالمناسبة أنا واحد من زبائنه حيث كان قد صمم لي موقعي الإلكتروني، إنه حقا حالة نادرة تستحق كل التقدير والاحترام ، وهذا ما دفعني لتقديم هذه المساعدة له، فالطب بالأساس وقبل كل شيء مهنة إنسانية ولا شك أن من واجبنا كأطباء مساعدة المرضى والمعوقين، فما بالك إذا كان هذا المريض متفوقا على إعاقته!"
وحول كون العملية هي الأولى من نوعها في سورية وما قد يرافق ذلك من تردد نتيجة عدم التجربة السابقة يقول د. العظمة " كان لدي في السابق فكرة عامة عن هذه العمليات، وبعد قراري بإجراء العملية لخلدون تواصلت مع الشركة الأمريكية المصنعة للجهاز على الإنترنت ما سمح لي بالاطلاع على كافة التفاصيل المتعلقة واستيضاح كافة استفساراتي من قبل الشركة التي أبدت تعاونا في هذا المجال، ثم أجرينا العملية بطريقة الجراحة التنظيرية التي استغرقت حوالي أربع ساعات، وحالة خلدون الصحية مستقرة عموما بعد العملية وسيتم تخريجه من المشفى بعد عدة أيام من المراقبة".
تقنية عالية وتكاليف باهظة
وفيما يتعلق بعمل جهاز منظم التنفس (Breathing Pacemaker)، وهو من صنع شركة Avery Biomedical Devices الأمريكية التي تصنعه منذ حوالي 30 عاما، التقينا مع مدير الخدمات التقنية في الشركة الذي يشرف على كافة عمليات زرع الجهاز حول العالم وهو السيد روبرت كيليان Robert Killian الذي تحدث عن تقنية الجهاز وفعاليته، حيث يقول "يساعد هذا الجهاز على تسهيل الحياة اليومية للمصابين بالشلل والذين يتنفسون على الأجهزة الاصطناعية، وهو يعمل على تنشيط العضلات المشلولة من خلال جهاز استقبال يوضع داخل الجسم وجهاز إرسال خارجه يقوم بإرسال إشارات لجهاز الاستقبال، وترافقهما بعض الأدوات الأخرى التي تكمل العملية".
وعن سبب ارتفاع سعر هذا الجهاز يقول السيد كيليان "الجهاز ذو تقنية عالية ومكلفة، ومبيعاته قليلة نسبيا بسبب قلة الحالات التي تحتاجه، وهذا يسبب ارتفاع سعر الجهاز".
وبخصوص إجراءات التعامل معه يقول "سأعلم زوجة خلدون كيفية التعامل مع الجهاز وهي سهلة جدا، وهو مجهز بعوامل أمان عالية ومكفول من قبل الشركة"
آفاق جديدة لحياته
وحول المرحلة القادمة في حياة خلدون والتغييرات التي ستطرأ يقول د.العظمة "سيخضع خلدون في المرحلة القادمة لبرنامج إعادة تنشيط لعضلات الحجاب الحاجز لتبدأ عملها بالتدريج إلى أن يتمكن من الاستغناء عن جهاز التنفس الاصطناعي كليا، وبالتالي التحرر من السرير والمنفسة والعودة إلى المجتمع، وهذا أكيد سيؤثر إيجابيا عليه، كما سنعمل على إمكانية استعادة صوته الطبيعي أيضا".
وبدوره طبيب العناية المشددة في المشفى الدكتور حسان الصواف يبدي دهشته من حالة خلدون ويقول "معنويات المريض من أهم الأشياء التي تساهم في حالته الصحية، وخلدون صاحب معنويات رائعة" ويضيف "إعادة عضلات الحجاب الحاجز للحركة يحتاج تقنية عالية جدا، تقنية تستطيع عمل توازن بين العضلتين اليمنى واليسرى، وهذا الجهاز يتميز بأحدث التقنيات وعوامل الأمان المتعددة ، وأظن أن المستقبل القريب سيحمل لخلدون تحولا كبيرا في حياته، نحن متفائلون جدا بهذا الخصوص".
كذلك فإن الدكتور علي العظم المشارك بالإشراف على العملية يشارك زميليه رأيهما بندرة حالة خلدون ويتابع "أنا قضيت سنوات عديدة في الولايات المتحدة حيث هذه الحالات متواجدة بكثرة مقارنة بالتي لدينا، وكنت دائما على اطلاع على هذه الحالات، لم يحدث أبدا أن التقيت أو سمعت خلال تلك السنوات عن حالة استمرت أكثر من 7 سنوات على قيد الحياة، فالشلل في الحجاب الحاجز يرافقه اختلاطات ومضاعفات كثيرة مثل الالتهابات والقرحات ومشاكل أخرى لا حصر لها، لكن إرادة خلدون العالية والعناية الأكثر من فائقة من قبل أهله وزوجته كانت السبب وراء ذلك، حتى أن المهندس المرسل من الشركة الأمريكية لحضور العملية صاح مدهوشا أثناء العملية لأننا بمجرد زرعنا الجهاز استجابت عضلة الحجاب الحاجز وبدأت بالحركة فورا بعد 16 عاما من الشلل التام".
المشفى: هذا اقل ما يمكن تقديمه
من جهته المهندس سهيل اللحام –رئيس مجلس الإدارة في مستشفى السلام التخصصي- يقول "سمعنا عن حالة خلدون ورأينا فيديو يبين كيف أنه يعمل على الكمبيوتر والإنترنت رغم حالته الصحية، وهذا شجعنا أكثر وأكثر للمساعدة، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه كسوريين عندما تكون جهات من خارج سورية تساعده، والمشفى مجهز بأحدث التقنيات العالمية لإجراء هذا النوع من العمليات الخاصة التي تحتاج لظروف تعقيم جيدة جدا، ومساعدة الحالات الخاصة هو جزء من استراتيجية المشفى وهي ليست المرة الأولى التي نقدم فيها مساعدة ولن تكون الأخيرة، لأننا نريد أن نقدم كل ما فيه خير البلد".
وحول كلفة العملية الإجمالية يقول السيد اللحام "التكلفة الكلية مع أجور الطبيب والمشفى تقارب المليون ليرة سورية وفرناها على خلدون نحن والدكتور أنس العظمة، وهذا كما ذكرت أقل ما يمكن أن نقدمه لإنسان استطاع أن يتحدى إعاقته ويتفوق عليها".