الشرطي الذي حول صفير المرور في بغداد الى معزوفات
تمكن شرطي المرور من خلق لغة تواصل بصافرته
|
ذات يوم استوقفني صوت وكانه تغريد بلبل في احد تقاطعات العاصمة العراقية بغداد، ومن بين ضجيج السيارات التي غص بها تقاطع الطرق في حي المنصور غربي العاصمة ، علا الصوت وكانه يتحدث الى سائقي المركبات. سالت عنه فاجابني احد المارة: "الا تعرف بلبل بغداد؟".
واشار الى رجل مرور توسط الزحام وبيده صفارته التي كان يغرد بها، وقال لي: "ذلك شرطي المرور عدنان ".
اهل بغداد يكادون يجمعون على اطلاق لقب "بلبل بغداد" على عدنان محسن ، رجل المرور الاشهر والاقدم في العاصمة العراقية.
لعدنان ثمانية وثلاثون سنة خدمة في سلك شرطة المرور ويقول انه تعلم الصفير خلالها وتحديدا منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي.
لغة للمخاطبة
يؤكد عدنان ان الامر وصل لدرجة باتت صافرته معها لغة مخاطبته مع سائقي المركبات ، فهم يفهمون عليه حتى في ظل غياب الاشارة الضوئية.
ومؤخرا ابتدع عدنان نغمات في صافرته تتناسب مع كل لون في اشارة المرور.
وعن ذلك حدثني حين التقيته قائلا: "من الطبيعي ان يعمل رجل المرور بموجب الاشارة الضوئية، لكن عندما لا يوجد نظام لاشارة المرور اضطر لان استخدم صافرتي لتنظيم السير، فانا حين اريد من سائق المركبة ان يسرع فانني اسرع بالتالي من سرعة الصفير او ابطيء تبعا للظروف التي تحكم حركة السير. وشيئا فشيئا بات كل من يجلس خلف المقود مشدودا الي ويفهم ما اريد منه بمجرد استماعه الى صافرتي".
قصة عمرها 38 عاما
قصة عدنان مع صافرته طويلة، وهو يعمد بين الحين والاخر الى تجديدها بنفسه ليصل الى مستوى الصوت الذي يبتغيه.
ولتغيير نغمة الصوت يعمد الى تغيير الحجر المتحرك داخل الصافرة فتارة يستخدم كرة معدنية وتارة اخرى كرة بلاستيكية، مما أثار إعجاب بعض الموسيقيين.
ويتحدث عدنان عن ذلك فيقول: "كثيرا ما يزورني اساتذة معهد الموسيقى ويسألونني كيف اتمكن من العزف على صافرة يفترض بها ان تخرج صوتا واحدا.
الطريقة التي يستخدم بها بلبل بغداد صافرته والتي جعلته متفردا بين اقرانه وزملاء مهنته ، اثارت إعجابهم، وعلى راس هؤلاء المدير المباشر لعدنان، العقيد احمد جمال امر قاطع مرور الكرخ ، الذي يرى في الشرطي الشهير علامة فارقة يصعب تكرارها.
ويؤكد جمال ان جميع مستخدمي الطريق سواء الراكب ام السائق او حتى المشاة ، يحب عدنان ويقطع المسافات في بعض الاحيان فقط للاستماع اليه، حتى ان البعض منهم صاروا بمثابة اصدقاء لعدنان ، يحييهم عن بعد كل يوم بصفارته ويردون التحية اليه باستخدام اجهزة التنبيه.