تطور هام .. يد صناعية يمكن طي اصابعها

















من المشاكل التي تعيق الذين فقدوا طرفا من اطرافهم ان الجهاز الاصطناعي الذي يستعينون به ذراعا كانت ام قدما ليس سوى قطعة جامدة تكون عادة لاخفاء العيب الذي لحق بجسدهم، لكن تطور الالكترونيات افسح المجال امام الطب لخدمة هؤلاء الى أقصى حد ممكن.
وشهدت السنوات الماضية على سبيل المثال تطوير صناعة اليد الاصطناعية كما حدث في مختبر الاطراف في مستشفى العظام في جامعة هايدلبيرغ، وقام فريق من الاطباء المتخصصين بالعظام وتقنيين لصناعة الاطراف ومهندسي مبرمجة الكترونية بصنع يد يمكن القول بانها ستؤدي خدمات كبيرة خاصة والاصابع فيها تتحرك لتقوم بمهمات معينة.
واول الاشخاص اللذين استفادوا من هذا الطرف المتطور الشاب الالماني أوليفر رابهولتس الذي تحدثت معه ايلاف هاتفيا وكان في مختبر المستشفى يناقش بعض القضايا التقنية مع التقنيين وهو مسرور جدا بالجهاز الذي اهدته اياه المستشفى ليكون اول من يجربه الجهاز.
ولد اولفير طفلا عاديا الا ان التشويه كان في عدم اكتمال نمو ذراعه اليسرى ، أي أن لديه قرمة تحت الكوع لا يتعدى طولها العشرين سنتم واستعان منذ طفولته بذراع اصطناعية عادية ساعدته على حمل بعض الاغراض الى ان سمع بالطرف المتطور في جامعة هايدلبرغ فتطوع للتجربة عام 2007 . ويشعر مع مضي عام تقريبا بان الطرف اصبح جزءا من جسده فهو لا يشعر به لقلة وزنه ولما يؤديه من مهمات دون أي مشاكل ويشعر ان حياته قد تغيرت تماما . وكما قال بامكاني الان باليد الاصطناعية اضاءة النور واطفائه والضغط على ازرار المصعد وازرار الهاتف عند الاتصال.
وما افرحه ايضا تمكنه من استعمال جهاز الكمبيوتر مستعينا باصبح الشاهد . ليس هذا فقط بل يمكنه اغلاق اصابع يده ليشكل قبضة وهذا حلم لم يكن يتصور انه سيتحقق في يوما من الايام . ويمسك الان كوبا من الماء بيده الاصطناعة بعد ان يثنى اصابعه.
وفي مكالمة هاتفية روى المهندس المتخصص بالالكترونيات ستيفان شولتس قصة هذا الجهاز ،فالوصول الى وضعتيه الحالية تطلب ست سنوات من التجارب واستند مع فريقه في اول الامر الى استقراء للرأى اجري لاكثر من الف انسان يستعين بيد اصطناعية لتحديد الايجابيات والسلبيات فيها .
وعلى اساس المحصلة وتفادي السلبيات وضعت فكرة الجهاز الجديد الذي يعمل على ميكانيكية السوائل واطلق عليها اسم fluid hand اليد الهيدروليكية ويستند على ثلاثة اسس : الوزن الاقل والحركة الاكثر عبر وجود اصابع متحركة والشكل الاجمل والاقرب الى شكل اليد الطبيعية .فالاطراف الاصطناعية الحالية تفتقد الى الجمال ولها اصابع ضخمة مما يؤثر سلبا على نفسية صاحبها ويحاول دائما اخفاءها.
وحسب قول المهندس شولتس فان الشخص المستفيد من هذا الطرف هو فقط الذي مازال يملك قرمة تحت الكوع يجب ان لا ينقص طولها عن العشرة سنتم، لان الطرف الاصطناعي بحاجة الى عضلات القرمة لتقوم بدور مهم عند استخدامه عن طريق انقباضها وتمددها.
وتتألف اليد من ثلاثة اقسام: الجزء الذي تدخل فيه القرمة (الجيب) وهو مصنوع من مواد بلستيكية خفيفةالوزن وفيها جهاز لقياس حساسية الضغط على العضلات عن طريق الكترودين يسمى ميو الكترود( myo-elektrode) يرسل اشارة القياس الى كمبيوتر دمج في الكف،والكف والاصابع الخمسة ويتحرك منها الشاهد فقط وهو مصنوعة من الياف فحم الكربون لقلة الوزن اضافة الى قضبان معدنية كي تكون الاصابع ثابتة.
وتتألف الاصابع كما الاصابع الطبيعية من ثلاثة مفاصل للاصابع من الابهام وحتى الشاهد ومفصلين للاصبع الكبير وفوق المفصلين العلوين من كل اصبع محرك ميكروسكوبي .
وفي الوقت الذي تعمل فيه الاطراف الموجودة حاليا في الاسواق على نظام الموتور الالكتروني مما يسبب ثقلا في الوزن يستخدم في الطرف الهيدوليكي موتور هيدوليكيا يصل حجمه الى نصف حجم علبة الكبريت أي انه يعمل بضغط السوائل. حيث صنعت صمامات دقيقة من القصدير مدت في كل أصبع تدفع فيها مضخة صغيرة جدا سائلا خاص خفيف الوزن. وتأخذ هذه المضخة اوامرها بالدفع او امتصاص السائل من ميكرو شيب( شريحة ) وهو عبارة عن كمبيوتير صغير الحجم جدا له عدة مهمات،ومع تدفق السائل في الصمامات يمتد الاصبع ويثنى مع تراجعه.
وحول عميلة التشغيل قال المهندس شولتس بان المريض نفسه يعطي الاوامر لحركة اليد عبر تحريكه عضلات القرمة القابعة في الجيب وفيها عادة اما عضلتان او ثلاثة حية لتحدد من جانبها أي انبوب يجب ان يضخ السائل لتحريك الشاهد او ضم كل الاصابع على شكل قبضة والمساعد علىالتحريك ليس فقط الانابيب في الاصابع بل الدوافع التسعة الصغيرة جدا الموجودة على كل مفصل و متصلة بالكمبيوتر عن طريق كوابل دقيقة.
فاذا ما راد المريض تحريك الشاهد مثلا للكتابة على لوحة الكمبيوتر يحرك عضلته رقم 2 ثم 1 فيسجل جهاز قياس الحساس الحركة ويرسلها اشارة الى الكمبوتر الذي يعطي بدوره امرا بتحريك الشاهد الذي يصبح شكله مساعد للضغط على كل مفتاح . وعند جمع الاصابع لامساك كوب تعطي العضلات الامر بتقليص العضلة رقم 1 ثم 2 .
ووصف شولتس العملية بانها تناسق بين عضلات القرمة والنظام الهيدوليكي والشريحة اللاكترونية والمضخة.
ويخضع مستخدم هذه اليد لفترة تدريب ليست صعبة وقد تكون طويلة بعض الشيء لكي يعرف كيف يسيطر على عضلات القرمة ويحركها ويحدد أي عضلة يجب تنقبض او تسترخي لتقيسهاالالكترونيات في اليد وتتجاوب معها ،فهذه هي مهمته فقط لان الكمبيوتر المبرمج يقوم بوظيفته بالتعاون مع المحرك الذي يعمل على السوائل.
ويسبق فترة التدريب فحص دقيق للعضلات المتبقية في القرمة وعلى ضوء النتائج تدخل التعديلات على برمجة اليد الاصطناعية بعد تحديد البرنامج الصالح والمفيد لها، فكل انسان له متطلباته الخاصة.
لكن يقول المهندس الالماني رغم التطور الذي ادخل على اليد الهيدوليكية وتخفيف وزنها باستخدام انسجة الفحم الكربوني، فهي تخدم الانسان بشكل افضل بكثير من السابق ويكفي انها توفر له امكانية تحريك بعض الاصابع او حمل قرابة 10 كلغ او القيام باعمال صغيرة او التقاط كرة التنس واللعب باليد الاخرى الا انها بحاجة الى المزيد من التطوير. فمحرك السوائل لا يوفر الكثير من الثبات او تحريك كل الاصابع او كل اصبع على حدا او يمكّن صاحبها من حمل سلة تبضع مليئة بعكس اليد الاصطناعية العادية. لكن كل تطور سيحدث سيكون على اساس محرك السوائل.
وحديث شولتس يعني ايضا الاعتماد على الالكترود لقياس تقلص العضلات وهذه هي المشكلة من وجهة نظر البروفسور هانس يورغن غرنر مدير مستشفى العظام في جامعة هايدلبرغ التي يجري مختبرها هذه البحوث فهو يحلم بالاستفادة اكثر من
الميو الكترود(myo-elektorde() من اجل اعطاء تعليمات ادق واكثر الى اليد الاصطناعية.
و تناول البروفسور في حديث حديث صحفي له دراسة نشرتها مؤخرا احدى المجلات الطبية الالمانية عن محاولة علماءالمان صناعة يد اصطناعية تأخذ اوامرها من شريحة الكترونية تزرع في الدماغ . فالاتصال المباشر بين الشريحة واليد الاصطناعية له فوائد كثيرة ، ففي بعض الاحيان يبقى من اليد عضلة او اثنان وتكون واحد منها ضعيفة خاصة اذا ما كان سبب بترها حادثة او قطع. بينما يبقى عدد الاعصاب عادة كما هو.
لكن تحقيق هذا الحلم يحتاج الى سنوات طويلة كي تحل مشكلة مهمة جدا وهي هل سيقبل الدماغ بوجود جسم غريب فهناك خطر كبير من ان يرفضه كما ترفض اعضاء اخر الجسم الغريب .