أطباء ألمان يحفزون الشحوم البنية على قتل الشحوم البيضاء
وصف المخرج والممثل الأميركي الشهير وودي ألن الأميركيين مؤخرا بأنهم «مهوسو جنس وبدناء»، ويملك كل الحق في هذا الوصف لأن نسبة البدانة في الولايات المتحدة تصل إلى 60 في المائة.
هذا في الأقل ما يؤكده البروفسور كنعان رفاعي، من جامعة هانوفر الطبية الألمانية، الذي أشار في دراسة جديدة إلى أن عدد المعانين من تشحم الكبد غير الكحولي في الولايات المتحدة يقترب من عدد حالات التشمع الكبدي الكحولي. وقال رفاعي لمجلة الطبيب الألماني إن أكثر الأميركان المنتظرين على قائمة «زرع الكبد» هم من ضحايا البدانة وتشحم الكبد وليس من ضحايا التشمع الكبدي الكحولي.
مكافحة الشحوم البيضاء
في العاصمة السابقة، بون، أعلن العلماء الألمان عن نجاح طريقة جديدة لمعالجة البدانة المفرطة تعتمد على طريقة مكافحة الشحم بالشحم.
وقال الباحث ألكسندر بفايفر، من جامعة بون الطبية، إن الطريقة حفزت الشحوم البنية في أجساد فئران الاختبار على استهلاك الشحوم البيضاء التي تعتبر عادة المصدر الرئيسي للبدانة عند الإنسان.
وأشار بفايفر إلى أن الشحوم في جسم الإنسان، كما هي الحال مع الكولسترول، تنقسم في شحوم «خّيرة»، وهي الشحوم البنية، وشحوم «سيئة» وهي الشحوم البيضاء.
وتعمل الشحوم البنية على استهلاك السعرات الحرارية وتوفير الطاقة لجسم الإنسان، في حين تعمل الشحوم البيضاء السميكة على عزل جسم الإنسان عن برودة الجو وتعمل على تخزين السعرات الحرارية.
ولهذا تتجمع الشحوم البنية في الظهر والكتفين، في حين تتجمع الشحوم البيضاء في البطن والعجز والفخذين.
ومن خلال قدرتها على استهلاك السعرات الحرارية، عبر تذويب الشحوم البيضاء، تعمل الشحوم البنية على موازنة جسم الإنسان وتوفير ما يحتاجه من الطاقة.
وبوسع 5 غرامات من الشحوم البنية أن تذيب 5 كيلوجرامات من الشحوم البيضاء في العام لدى الإنسان لو أنه عمل بنشاط اعتيادي.
ومعروف أن أجسام الأطفال الرضع والحيوانات السباتية تحتوي على نسبة عالية من الشحوم البنية وهو ما يوفر لها دفئا ونوما هنيئا طويلا.
والمشكلة، كما كتب بفايفر وزملاؤه في مجلة «ساينس سيجنالنج»، هي أن «نشاط الشحوم البنية في البشر البدناء مكبوح بفعل الكثير من العوامل التي تمتد بين اضطراب عملية الاستقلاب والعوامل النفسية.
وأثبتت الدراسات العلمية أن نشاط الخلايا البنية قليل أو معدوم تماما في حالات البدانة المفرطة والمستعصية. ولهذا فقد عمل فريق العلماء من جامعات بون وكولون وهايدلبيرغ ومارتنسريد، إضافة إلى المعهد الاتحادي لإنتاج الأدوية والعقاقير»، على إيجاد طريقة جديدة لتحفيز نشاط هذه الشحوم.
تحفيز الشحوم البنية
توصل العلماء الألمان قبل ذلك إلى تشخيص أن إنزيما خاصا يسمى «PKG» يلعب دورا أساسيا في إنتاج وتحفيز الخلايا الشحمية البنية.
ويمكن أن يقود تحفيز هذا الإنزيم إلى تحفيز الخلايا الشحمية الأساسية في جسم الإنسان لإنتاج عدد أكبر من الخلايا البنية على حساب الخلايا البيضاء.
يعتقد بفايفر وزملاؤه أنهم سيقعون في الوقت القريب على مادة محفزة لنشاط «PKG» وأن ذلك سيستغرق بضع سنوات قبل إنتاجه بشكل ناجز للسوق الطبية.
ووصف الباحث الألماني الخلايا الشحمية البنية بأنها أصغر من البيضاء، تحتوي على قطرة دهن أصغر، ومزودة بالكثير من «بالميتاكوندرين» (الحبيبات الخيطية)، وهو ما يؤهلها للعمل بمثابة «مفاعلات صغيرة» يجري فيها استهلاك الشحوم وإنتاج الطاقة.
وينطلق عن العملية عادة تيار كهربائي صغير، كما هي الحال في عمل البطاريات، يزود خلايا جسم الإنسان بالطاقة.
وسبق للباحث الأميركي، ارون سيربيرس، من مركز «جوسلين» للسكري في بوسطن، أن توصل إلى أن أجساد الفتيات الشابات تحتوي على الكثير من الشحوم البنية، وهو سر رشاقتهن، إلا أن هذا الحجم يبدأ في التراجع تدريجيا مع تقدم العمر ويفاقم مشكلة البدانة عند النساء.
تشحم الكبد
من ناحيته، استشهد الباحث كنعان رفاعي بدراسة أميركية حديثة تقول إن كل مرضى السكري من النوع الثاني تقريبا يعانون من انسداد قناة المرارة ومن تشحم الكبد غير الكحولي.
وتشير الدراسة بأن معاناة الأميركان من تشمع الكبد الكحولي سيتساوي عام 2020 مع معاناتهم من تشحم الكبد غير الكحولي.
ويعاني 80 في المائة من البدناء، وتقريبا كل المعانين من مرض السكري، من كبد متشحم، وهم معرضون لتكلس شرايين أكثر وأمراض قلب ودورة دموية أكثر. وأجرى رفاعي دراسة على 36 بدينا عن طريق ربط معدتهم برباط (لتقليص حجم المعدة) فتوصل إلى تقليص مؤشر الكتلة الجسد لديهم من 47 إلى 34 وانخفضت في الوقت ذاته نسبة التشحم الكبدي غير الكحولي بينهم من 30 في المائة إلى 5 في المائة.